كشف موقع «نورديك مونيتور» السويدي في تقرير له اليوم (الأربعاء) عن وثيقة حكومية تركية مسربة، تبين تقديم حكومة الرئيس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كم كبير من المكافآت المالية لضابط الشرطة الذي قام باغتيال السفير الروسي لدى أنقرة أندريه كارلوف في 2016، بلغت 34 مكافأة في غضون عامين.
وكان السفير الروسي لدى تركيا أندريه كارلوف اغتيل بالرصاص في 19 ديسمبر 2016، خلال هجوم مسلح وقع في أنقرة، على يد الشرطي التركي مولود ميرد ألتنتاش، الذي أطلق الرصاص على السفير، بينما كان الأخير يلقي كلمة خلال معرض فني في العاصمة التركية أنقرة، في هجوم صور بالفيديو وانتشر وقتها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.
وحصل موقع «نورديك مونيتور»، على الملف الوظيفي للضابط مولود ميرد ألتنتاش، الذي لم يكن تجاوز الثانية والشعرين من عمره، مفصحًا عن حصول ألتنتاش على مكافآت لا تتناسب مع فترة الخدمة التي قضاها التي لم تتجاوز عامين، فضلًا عن التدريبات التي تلقاها من الجهات الرسمية التركية، مما يعد مؤشرًا على تجهيزه لأداء مهمة اغتيال السفير الروسي.
وأوضح تقرير الموقع السويدي المزيد من التفاصيل المثيرة حول قاتل السفير الروسي في أنقرة، مشيراً إلى أن السلطات التركية دربت ألتنتاش في يونيو 2016 على كيفية اكتشاف الأشخاص والمركبات المشبوهة والتعرف عليهم والتصدي لهم، وهو ما استخدمه في فحص ضيوف المعرض الفني الذي اغتيل خلاله السفير، كما حصل على تدريب متقدم بالسلاح نفسه الذي استخدمه في حادث الاغتيال.
وجاء في التقرير أنه تم تجنيد القاتل من قبل الحكومة كضابط شرطة في 26 يونيو 2014 في أعقاب عملية تطهير جماعي لرؤساء الشرطة المخضرمين الذين أجروا تحقيقات عن تنظيمات القاعدة وداعش الإرهابية، والفساد الذي أدين به كبار المسؤولين الحكوميين بما في ذلك أردوغان، مضيفاً أن أردوغان نظم عمليات الإيقاف والإبعاد والسجن لرؤساء الشرطة واستبدلهم بالحزبين والإسلاميين والقوميين الجدد خوفًا من الكشف عن صلات حكومته السرية بالجماعات المتطرفة.
ووفقاً لتقرير «نورديك مونيتور»، انتهت فترة اختبار ألتنتاش التي عادة ما تكون عامًا للمجندين الجدد في القطاع العام في تركيا، في 5 أغسطس 2015، ما يعني أنه قد تم تطهير قطاع الشرطة من قبل رؤسائه، وتم نقله إلى وظيفة دائمة في المديرية العامة للأمن (أمنيت).
ويشير الملف أيضًا إلى أن القاتل لم يقم بتحديث عنوانه في ملفه الشخصي واستخدم عنوانه القديم، على الرغم من أنه كان قد خرج من الشقة المذكورة وكان يعيش في شقة أخرى مع رفيقه في الغرفة، المحامي سركان أوزكان، في حي كلابة في منطقة كيتشوران في أنقرة وقت القتل. وكانت لمكتب أوزكان للمحاماة علاقات وثيقة مع وزير الداخلية سليمان صويلو، وهو شخصية قومية أعطت الأمر بإعدام القاتل، الذي أصيب بالفعل.
وأشارت بطاقة تسجيل من مدى الرماية، تحتفظ بها الشرطة في ملف القاتل، إلى أنه كان أداؤه جيدًا في الاختبارات وسجل أعلى بكثير من المتوسط. ويظهر السجل أنه تم اختباره في ممارسة الهدف على مسافات 5 و10 و15 و20 و 25 مترًا باستخدام مسدس «سارسيلماز»، الذي صنعته شركة تركية.
وفي سلسلة من الاختبارات من 2014 إلى 2016، كان أداؤه جيدًا باستخدام مدفع رشاش نصف آلي MP5 ومسدس جانيك TP9، المسدس الذي استخدمه في الاغتيال. وتظهر الوثائق أنه ضرب الهدف 58 مرة من أصل 60 في ممارسة الهدف من 7 إلى 15 مترًا.
وتشير مجموعة الأدلة والبيانات في ملف القضية إلى حقيقة أن القاتل كان متطرفًا عندما بدأ في حضور الخطب التي ألقاها العديد من الأئمة المتطرفين، وبعضهم على رواتب الحكومة التركية، يعملون في مديرية الشؤون الدينية (ديانت). وبحسب لائحة الاتهام، فإنه كان على علاقة وثيقة بإبراهيم بلال أودونكو، وهو متشدد يبلغ من العمر 35 عامًا كان يعمل مع القاتل وكان يعمل كمؤذن في جامع أنقرة.
وتم الكشف عن سلسلة من الاتصالات بين بلال وألتنتاش شخصيا وعبر الهاتف. وكان بلال وشقيقه، مراد أودونكو، لفترة من الوقت يقودان منظمة غير حكومية تركية تابعة لتنظيم القاعدة تعمل في العاصمة التركية أنقرة بحماية حكومة الرئيس أردوغان. وكان كلاهما على اتصال بالقاتل وشارك في أنشطة لدعم مقاتلين في سورية. شقيق آخر، متين علي أودونكو، وهو أيضا مفتي منطقة يعمل في «ديانت»، وابنه محمد سلمان أودونكو، وهم متورطون مع القاتل بدرجات متفاوتة.
وحضر القاتل وزميله في الغرفة بانتظام محاضرات الداعية السام نوريتين يلدز الذي يدعو إلى العنف المسلح.
وغالبًا ما ظهر يلديز كمتحدث رئيسي في الأحداث التي نظمتها فروع الشباب في حزب العدالة والتنمية الحاكم وكذلك مؤسسة شباب تركيا (TUGVA)، التي تديرها عائلة أردوغان، فيما لم يتم تسمية أي من الأئمة الذين لعبوا أدوارًا مهمة في تطرف ألتنتاش كمشتبه بهم في القضية أو متهمين بأي جريمة، ولم تخضع الجماعات الراديكالية المرتبطة بالقاعدة لأي تحقيق على الرغم من وجود أدلة واضحة على ميول ألتنتاش المتطرفة، وذلك بحسب ما جاء في تقرير «نورديك مونيتور».
وحاولت السلطات التركية العثور على كبش فداء في حركة غولن، التي تتهمها أنقرة بتدبير الإنقلاب المزعوم في 2016، وتأطير الأبرياء الذين ليس لهم علاقة بالقتل على الإطلاق. وكان من الواضح أن حكومة أردوغان أرادت حماية الشبكات والأشكال المتطرفة التي اعتمدت عليها كقاعدة دعم سياسي.